الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
من محبة الله لعباده ورحمته بهم أنه أرشدهم إلى الحقيقة عن طريق الأنبياء والرسل:
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الرابع والعشرين من دروس العقيدة، ننتقل إلى موضوع جديد من موضوعات العقيدة التي يجب أن يؤمن بها الإنسان، هذا الموضوع هو: الإيمان بالأنبياء والرسل.
أولاً: من أركان العقيدة الإسلامية الإيمان بجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، وكذلك الإيمان بجميع ما أُنزِل عليهم، قبل أن نخوض في هذا الموضوع فكرة بسيطة، إذا كنت في طريق ما، ورأيت إنساناً كفيف البصر، وأمامه حفرةٌ كبيرة، ماذا تفعل؟ بدافع من رحمتك، بدافع من حِرصك، ألا تُذكّره؟ ألا تُحَذره؟ ألا تُنَبهه؟ كل ما في الأمر أن الله سبحانه وتعالى لأنه رحيم، لأنه رحمن رحيم، إذا وجد عباده قد ضّلوا وتاهوا وحاروا وسلكوا طريق شقائهم وهلاكهم، بعث إليهم بأنبيائه ورسله ليحذروهم وينذروهم، قال تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)﴾
لأن أسماءه حسنى وصفاته فُضلى لا يمكن أن يدع عباده من دون توجيه، من دون تحذير، من دون لفت نظر، فالأنبياء والرسل رحمة من الله سبحانه وتعالى، تحذير، تبشير، توضيح، بيانٌ للحقيقة، ففي صفة عقيدة المؤمنين قال الله تعالى في سورة البقرة:
﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)﴾
ويأمر الله سبحانه وتعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ويأمرنا معه فيقول في سورة آل عمران:
﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)﴾
1- الإيمان بالأنبياء والرسل جميعاً:
من لوازم الإيمان بالله الإيمان برسل الله، إذا كنّا نعترف بدولة ما فنعترف بسفيرها، إذا جاء السفير ومعه أوراق اعتماده فلابد من أن نعترف به،
ما دمنا بالأصل معترفين بدولته، فمن لوازم الإيمان بالله الإيمان برسله، والإيمان بالرسل من العقائد التي لو أنكرها الإنسان لكفر، يجب أن تُعلَم بالضرورة، ومعرفتها فرض عين وليس فرض كفاية.
2- الإيمان برسل الله المُؤَيَّدين بالمعجزات الماديـة والمعنوية:
من مقتضى الإيمان بالله تصديق المُؤَيَّدين بتأييد من عنده، أي دائماً –سبحان الله-الأنبياء والرسل جاؤوا بمعجزات لا يستطيع عامة البشر ان يفعلوها،
وبالبديهة لابد من أن يكون هذا الإنسان مبعوثاً من قِبَل العناية الإلهية، أي مع النبي آية إما أن تكون هذه الآية معجزةً إعجازاً مادياً كالعصا في يد سيدنا موسى، كإحياء الميت على يد سيدنا عيسى، كأن النار لم تُحْرِق سيدنا إبراهيم، كانقلاب البحر طريقاً يبساً على يد سيدنا موسى، أو إعجازاً بلاغياً تشريعياً كما هي الحال على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فهذا النبي لابد بديهة من أن يكون رسول الله، هذا النبي من عند الله، والدليل أنه فعل شيئاً لا يستطيع بنو البشر أن يفعلوه، فمن لوازم الإيمان بالله الإيمان برسل الله المُؤَيَّدين بالمعجزات الماديـة والمعنوية، هذا التأييد الذي لا يمكن أن يكون من الله تعالى إلا لرسله الدالين عليه والمبلغين لشريعته ودينه بصدق، هناك نقطة قال تعالى:
﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)﴾
الله سبحانه وتعالى يستحيل في حقه أن يؤيد الضُّلال، أن يؤيد المضلين بمعجزات كمعجزات الأنبياء، لو أنه فعل ذلك لضلّل عباده، فهذه المعجزات ليست من حقّ عامة الناس بل من حقّ أنبيائه المصطفين.
3- أن يُصَدِّق الإنسان كل ما يخبرنا الله عنه:
من مقتدى الإيمان بالله أن يُصَدِّق الإنسان في كل ما يخبرنا الله عنه، هذا يقتضي الإيمان برسله الذين أخبر عنهم في كتابه، أي إذا أنت آمنت بالقرآن الكريم على أنه كتاب من عند اللـه، يقتضي الإيمان بالقرآن الكريم أن تُصَدِّق بكل ما جاء فيه، أنت لم ترَ سيدنا لوط، ولا سيدنا إبراهيم، ولا سيدنا عيسى، ولا سيدنا موسى، لكن أخبار هؤلاء الأنبياء الكرام جاءت في القرآن الكريم، وأنت مؤمن بالقرآن الكريم، فإيمانك بالله أولاً، وبكلامه ثانياً، يقتضي أن تؤمن بجميع الرسل والأنبياء الذين أخبر عنهم في القرآن الكريم، ثم إن الإيمان بواحد من الرسل لا ينفك عن الإيمان بجميع الأنبياء والرسل.
معنى كلمة النبي وكلمة الرسول والفرق بينهما:
عندنا استنباط لطيف جداّ أن الله عزّ وجل في بعض الآيات يقول:
﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)﴾
فهذا المجتمع أو هذه الأمة أو هذه القرية قتلت هذا النبي، فلماذا جعل الله القتل جماعياً؟ لأنك إذا كفرت بهذا النبي فكأنما كفرت بالأنبياء كلهم، الأنبياء وحدة لا تتجزأ، إما أن تؤمن بهم جميعاً، وإن لم تؤمن بهم جميعاً فكأنك كفرت بهم جميعاً، تجزيء لا يوجد.
جاء في النصوص الدينية إطلاق كلمات النبي والرسول والنبوة والرسالة على حقائق شرعية وفق الاصطلاح الشرعي، ماذا تعني كلمة النبي؟ وماذا تعني كلمة الرسول؟
الحقيقة في اللغة النبوة مأخوذة من النبأ، قال تعالى:
﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)﴾
النبوة من النبأ، أي هذا الإنسان الذي اصطفاه الله سبحانه وتعالى أنبأه بالحقائق، فهو يُنَبِّئُ الناس بها، أنبأه الله أولاً ونبّأ الناس ثانياً فهو نبي، فالنبوة مشتقة من فعل نبأ، أو أنبأ، والأصل مأخوذ من النبأ أي الخبر، فالنبي أنبأه الله عن أخبار السماء، وكلفه أن يُنْبِئ الناس عن حقائق التوحيد، وحقائق التشريع فهو نبيّ، فالنبوة بشكل أو بآخر مقام علمي، رتبة علمية، أي هذا الإنسان باتصاله بالله المستمر بلغ مرتبة النبوة بمعنى أنه عرف الحقائق المطلقة، عَرَفها وعرّفها للناس.
في اللغة مأخوذة من النبأ أي الخبر، قال تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ*عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ ، أو مأخوذة من النَّبوَة، والنَّبوَة أي ما ارتفع من الأرض، يقال: نبأ الشيء إذا ارتفع، وفي اللغة الدارجة نبأ أي ارتفع-نبأ له نبيرة مثلاً-نبأ أي ارتفع، كيف ارتفع؟ هذا النبي الكريم ارتفع عن سائر الخلق:
﴿ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7)﴾
هو في واد والناس في واد، الناس في همومهم، وفي معاشهم، وفي خلافاتهم، وفي خصوماتهم، وفي جمع الدرهم والدينار، وفي الكسب الحرام، وفي الانغماس بالشهوات، وفي التنافس على حطام الدنيا، والنبي في معرفة الله، وفي الإقبال عليه، وفي تعريف الخلق به، وفي خدمة عباده، وفي معرفة ملكوت السماوات والأرض، لأنه في واد والناس في واد نبأ عليهم، بمعنى ارتفع عن مستواهم، ارتفع عن مشاغلهم، عن اهتماماتهم، عن حطام الدنيا، عن وحول الدنيا، عن شهوات الناس، إذا كان يعنيك الدرهم والدينار فقط،
(( عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: من كانت الدُّنيا همَّه، فرَّق اللهُ عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينَيْه، ولم يأْتِه من الدُّنيا إلَّا ما كُتِب له، ومن كانت الآخرةُ نيَّتَه، جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتته الدُّنيا وهي راغمةٌ. ))
[ السلسلة الصحيحة : خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد رجاله ثقات ]
من كانت الدنيا همه فرّق الله عليه أمره ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره:
سؤال يُطرح على أحدكم ما الذي يشغلك؟ ما الذي يهمك؟ ما الذي يعنيك؟ ما الذي يخطر في بالك إذا فتحت عينيك في الصباح؟ عندما تستيقظ أول استيقاظك ما الذي يخطر في بالك؟ شراء البيت؟ بيع المحل؟ طبخ هذه الأكلة؟ الذهاب لهذه النزهة؟ ((من كانت الدُّنيا همَّه، فرَّق اللهُ عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين عينَيْه، ولم يأْتِه من الدُّنيا إلَّا ما كُتِب له، ومن كانت الآخرةُ نيَّتَه، جمع اللهُ له أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتته الدُّنيا وهي راغمةٌ)) .
النبي عليه الصلاة والسلام حينما دُعِي إلى اللهو واللعب في سنّ الطفولة، قال صلى الله عليه وسلم: لم أُخْلَق لهذا.
الإمام الغزالي رضي الله عنه قال: إن ساعة واحدة تمضي في غير ما خُلقت له لجدير بك أن تَكْثُر عليها حسرتك يوم القيامة، ساعة واحدة، عاش ثلاثاً وثمانين سنة، أمضى ساعة بلا فائدة، لعب فيها بالطاولة، تكلم عن الناس، تكلم بموضوعات سخيفة لا تُقدم ولا تُؤخر، ذهب إلى مكان لا يرضي الله، إن ساعة واحدة أمضيتها في غير ما خُلقت له لجدير بك أن تكثر عليها حسرتك يوم القيامة، فمعنى النبي أنه من النَّبْوَة أي في مستوى سام وراق غير مستوى الناس.
فيا أيها الإخوة الأكارم؛ لا تكونوا في صفوف الخط العريض من الناس، همهم بطنهم، قبلتهم نساؤهم، دينهم شهواتهم، عقيدتهم العادات والتقاليد، عادات وتقاليد وشهوات، همهم شهواتهم، لذلك إذا رأوا ما يُقَلِّل من شهواتهم، أو ما يُهَدد متعهم وملذاتهم سُحِقوا، أهل الدنيا يُسحقون إذا لاح لهم ما يُهَدد شهواتهم ونزواتهم ومتعهم الرخيصة، أما أهل الإيمان فلا يصعقون إلا إذا خافوا على دينهم.
ينبغي على المسلم أن يأخذ العِبر من نبيه وصحبه في شدة حرصهم على دينهم:
سيدنا عمر رضي الله عن عمر كان إذا أصابته مصيبة قال: الحمد لله ثلاثاً، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، أي طعام كُلْه، أفضل من أن تكون المصيبة في دينك، أي ثياب لا بأس من أن ترتديها ولو كانت رخيصة، ولو كانت بالية، ولا تكن المصيبة في دينك، الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ أُلهمت الصبر عليها.
قل لي ما الذي يُخيفك –يُجزِعك-أقل لك من أنت، المؤمن يخاف على دينه، يخاف على استقامته، يخاف أن يُجري الله على يده السوء أو الأذى أو الشر، هذا الذي يُجْزِعه وعلى الدنيا السلام.
سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه دخل عليه أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قائد الجيوش الإسلامية في الشام، دخلوا عليه إلى غرفته، غرفة القيادة، فإذا هي غرفة صغيرة عليها جِلد غزال، وفي زاويتها قِدر ماء غُطِّي برغيف خبز، وسيف عُلِّق على حائط الغرفة، هذا كل ما في الغرفة، فقيل لهذا الصحابي الجليل: ما هذا يا أبا عبيدة؟ قال: هو للدنيا وعلى الدنيا كثير، ألا يُبَلِّغنا المقيل؟
أروع كلمة تأثرت لها كلمة الإمام الغزالي، كل ما لا يصحبك إلى الآخرة فهو من الدنيا، فاعتنِ بها ما شئت، لابد من أن تتركها، وكلما كانت مزدانة وعريضة وفخمة وراقية، كلما ازدادت حسرتك على فراقها، إذا شخص أخرجوه من بيت غرفة واحدة شمالية كمن أخرج من بيت ثمنه ثلاثين مليوناً، اخرج منه؟ فكلما حسنتها تزداد الحسرة عند فراقها، لذلك هو للدنيا وعلى الدنيا كثير، ألا يُبَلِّغنا المقيل؟ فلذلك هـذا النبي العظيم لماذا استحق أن يكون نبياً؟ لماذا استحق أن يصطفيه الله سبحانه وتعالى؟
هل كان اختيار النبي من دون حكمة وعلم وخبرة؟
هنا يوجد سؤال دقيق جداً الآن؛ يتوهم الناس أن هذا النبي الله عز وجل اختصه وانتهى، إنسان من عامة الناس، إنسان عادي جداً، الله عز وجل اختصّه بالنبوة وانتهى الأمر، أي إذا أنت معلم ابتدائي وأردت أن تعيّن على أربعين طالباً عريفاً ماذا تفعل؟ تنتقي المجتهد، المتفوق، الأخلاقي، شيء بديهي، ورب العزة يصطفي إنساناً من عامة الناس يجعله نبياً؟ كلمة اصطفى أي اختاره، من معاني كلمة الاصطفاء أن الله سبحانه وتعالى جعل النبوة في خير خلقه، أشدهم حباً له، جعلها في أشدهم حباً له، في أشدهم طاعة له، في أشدهم ورعاً، في أشدهم تمسكاً، لكن إيّاك أن تفهم أنك إذا بالغت في الورع، وبالغت في الاستقامة، وبالغت في المحبة صرت نبياً، لا، لذلك علماء العقيدة قالوا: النبوة ليست كسبية، وإنما هي هبة من الله سبحانه وتعالى، ولكن هذه الهبة مبنية على علم، وهذا الاصطفاء مبني على علم، لو فرضنا أردنا أن نعين سفيراً لنا في بلد أجنبي، ألا نختار إنساناً يتقن اللغة الأجنبية؟ معه شهادة عالية؟ بعض البلاد سمعت لا يتعين السفير إلا إذا كان يتقن لغتين إتقاناً جيداً تكلماً وكتابةً وقراءةً، ويحمل ثلاث شهادات عليا في وقت واحد، في الحقوق والآداب والعلوم، هذا سيمثّل أمة، أمة بأكملها، فحينما تختار الحكومة إنساناً ليكون سفيراً أتختاره من الطريق؟ تعمل حاجزاً في الطريق وتأخذ شخصاً أنت سفير؟! أم يوجد دراسات، يوجد اصطفاء، يوجد دراسة دقيقة، إذا كان إنسان يختار إنساناً وفق أصول فكيف رب العزة؟
﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)﴾
هؤلاء مُصطَفون أخيار، قمم الكمال البشري، الأنبياء قمم، أنت تلتقي بإنسان على جانب من الإيمان، من الورع، تجد عقلك معه، تقول: والله لا مثيل له، فكيف لو التقيت بنبي؟ ما رأيت أحداً يحب أحداً كحبِّ أصحاب محمدٍ محمداً، النبي الكريم عليه الصلاة والسلام التفت إلى أحد أصحابه رأى في يده خاتماً من الذهب فأعرض عنه، فمسك الخاتم –هو من الذهب-ورماه في الأرض، فقيل له: خذه وبعه؟ فقال: لا والله، ما كنت لآخذه بعد ما نهاني عنه النبي، أحبوه محبة فاقت حدّ التصور، أطاعوه طاعة فاقت حدود الخيال، لأنه إنسان عادي؟ الكمال البشري كله مجموع في النبي، الكمال البشري، العلم، والتواضع، والحلم، والرِّقة، واللطف، والرحمة، والعطف، والقيام بالحقوق، وأداء الواجبات:
(( عَنْ عائشة رضي اللَّه عَنْهَا قَالَت: كَانَ خُلُقُ نَبِيِّ اللَّه ﷺ الْقُرْآنَ. ))
فأردت من هذا الكلام أن الله سبحانه وتعالى النُّبوة اصطفاء الله عبداً من عباده بالوحي إليه، اصطفاه، لكن اصطفاء الله على علم، أي اذكر المثل مرة ثانية، لو أردت أن تُعين عريفاً على هذا الصف تختار أقوى الطلاب اجتهاداً، أكثرهم خلقاً وأكثرهم اجتهاداً، فكيف هذا النبي الذي يُمَثِّل الحق؟ يُمثِّل حضرة الحق؟ قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)﴾
النبي خليفة الله في الأرض، أيكون الخليفة على غير ما ينبغي؟ مستحيل.
مقام النبي ومقام المؤمن عند الله:
شيء آخر؛ الآن سوف أذكر سبب الاصطفاء، قصة تعرفونها سابقاً، لما سيدنا أبو بكر رضي الله عنه كان في الطريق يمشي فرأى سيدنا حنظلة يبكي،
(( عَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَوَعَظَنَا، فَذَكَّرَ النَّارَ، قالَ: ثُمَّ جِئْتُ إلى البَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلَاعَبْتُ المَرْأَةَ، قالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذلكَ له، فَقالَ: وَأَنَا قدْ فَعَلْتُ مِثْلَ ما تَذْكُرُ، فَلَقِينَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، نَافَقَ حَنْظَلَةُ؟ فَقالَ: مَهْ فَحَدَّثْتُهُ بالحَديثِ، فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا قدْ فَعَلْتُ مِثْلَ ما فَعَلَ، فَقالَ: يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، ولو كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كما تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ، حتَّى تُسَلِّمَ علَيْكُم في الطُّرُقِ. وفي رواية: كُنَّا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَذَكَّرَنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَديثِهِمَا. ))
كأنَّ سيدنا حنظلة شعر بنفسه أنه منافق، السبب وهو عند رسول الله في مجلسه في غاية السعادة، في غاية الطمأنينة، في غاية الأمل، في غاية الرضا، في غاية السرور، تكاد الأرض لا تسعه، قال لي بعضهم: ليس في الأرض من هو أسعد مني، وهو صادق، قال: إلا أن يكون أتقى مني، طبعاً، قال: فإذا عافسنا الأهل ننسى، وهذه تحدث معنا أنا وأنتم جميعاً، ونحن هنا في هذا المسجد نُحسّ بالسعادة، بالطمأنينة، بالسرور، الإنسان يذهب إلى بيته فيجد العشاء متأخراً، ابنه لم يحضر الخبز، يمكن أن يغضب، في اليوم الثاني ذهب إلى العمل لا يوجد بيع مثلاً، عليه دفع لا يوجد قبض، يتضايق، يوم السبت، يوم الأحد، هذه الأحوال الطيبة، هذا السرور، الطمأنينة، هذا الإقبال، هذا السمو ضَعُف، المصباح عندما تضع به البطارية بعد أسبوع أين ضوءه؟ ذهب، ضعفت البطارية، قال له: فنعافس الأهل فننسى، فقال: أنا كذلك يا أخي، أنا مثلك، انظر إلى التواضع، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمّا حدثوه بما جرى، هنا النقطة الدقيقة، قال عليه الصلاة والسلام: نحن معاشر الأنبياء-ليس هو فقط، مقام النبوة، ماذا يعني مقام النبوة؟-نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا-أي اتصال دائم بالله-أما أنتم يا أخي فساعة وساعة، ساعة إقبال وساعة غفلة، لا أقول: ساعة انقطاع حاشا لله، ساعة إقبال وساعة فتور، ساعة اتصال وساعة انفصال، الغماز يتألق أما الضوء الأمامي مستمر، فالمؤمن ساعة وساعة، فساعة غفلة مع ساعة إقبال هذه درجة، ساعتان غفلة ساعة إقبال درجة ثانية، ثلاث ساعات غفلة ساعة إقبال درجة ثالثة، أربع ساعات غفلة وساعة إقبال، فكل واحد منا يعرف مقامه من هذه الطريقة، شخص يُصلي بالأوقات الخمس وقتاً واحداً بشكل صحيح، الصبح، أمّا الظهر خمسون خاطراً بالصلاة، والعصر، والمغرب، كله سريع، أما الصبح فصحيح معه، هذه درجة، شخص الصبح والظهر، شخص الصبح الظهر العصر المغرب العشاء، شخص بين الصلاتين لا ينسى الله عز وجل، أحياناً تدمع عينه بين الصلاتين، يُفكّر بآية كونية، يسمع قرآناً، يشاهد إنساناً يدعوه إلى الله عز وجل، شخص يقول لك: أنا بالشهر الصحيح معي فقط ركعتين، فالمؤمنون ساعة وساعة، لكن هذه ساعة وساعة منوعة جداً، بين بالشهر ركعتان، بالأسبوع ركعتان، باليوم ركعتان، بالستة أشهر ركعتان، بالسنة ركعتان، والباقي كله فيه سهو ولهو، بين الخمس أوقات، بين بينَ الأوقات، ربنا عز وجل وصف المؤمنين الصادقين بأنهم:
﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)﴾
أي يغلب عليهم دوام الصلاة، لو أنه صار هذا الدوام قطعياً لكانوا أنبياء حقاً، النبي هو الذي لا ينقطع عن الله طرفة عين، أبداً، لا ينقطع لا في نوم ولا في صحو، لا في ليل ولا في نهار، انظر أحياناً المؤمن بالرخاء موصول، النبي لا ينقطع لا في نوم ولا في صحو، لا في ليل ولا في نهار، لا في رخاء ولا في شدة، لا في الغنى ولا في الفقر، لا في الصحة ولا في المرض، لا في النصر ولا في الهزيمة.
عليه الصلاة والسلام بأعقاب معركة هوازن هل انقطع عن الله؟ أبداً، بأعقاب أحد انقطع؟ أبداً، بأعقاب الطائف انقطع؟ أبداً، اتصاله بالله في الطائف كاتصاله بالله في أثناء فتح مكة، وهو في أوج النصر متصل، وهو في أشد الأوضاع حرجاُ متصل، هذا النبي، النبي هو الإنسان الذي لا ينقطع عن الله أبداً ولا طرفة عين، نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا، أما أنتم يا أخي فساعة وساعة، نحن المؤمنين ساعة وساعة، ساعة نتصل وساعة نغفل، ساعة نُقبل وساعة نفتُر، هذا مقام المؤمنين، ومقام الأنبياء الاتصال الدائم، لماذا اصطفاهم الله عزّ وجل؟ لأنهم كانوا دائمي الاتصال بالله سبحانه وتعالى، صار السبب واضحاً، لماذا اصطفاهم؟ اصطفيناهم:
﴿ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)﴾
علمنا أنهم لا ينقطعون عنا أبداً، إذا شخص اشترى آلة جديدة للبيت، ويريد أن يصلي الظهر، كيف يصلي الظهر؟ يصلي الظهر لكن يا ترى هل صلّاه؟ الآلة وصلت يريد أن يفتحها ويشاهدها، إذا جاءته رسالة كان مقدماً طلب فيزا وجاءت رسالة لم يفتحها بعد وسيؤذن العصر فصلى الظهر، كيف يصلي الظهر؟ يا ترى هل أرسلوا الموافقة أم لا؟ ساعة وساعة، أما النبي الكريم لا شيء في الدنيا يشغله عن ذكر الله، وأصحابه الكرام هم على مستوى رفيع جداً، قال تعالى:
﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)﴾
يوجد جامع حدثوني عنه قريب من الجسر، يوجد عند أداء صلاة الظهر في العادة عبارة عن صفين فقط، الناس عندنا خافوا بالأسبوعين الماضيين لآخر صف الجامع ممتلئ، جميل والله لكن ساعة وساعة، في الشدة جاؤوا ليصلوا، بالرخاء لا يوجد شيء، لا يوجد قلق، لا يوجد خوف، أين هم؟ في محلاتهم التجارية، يبيعون ويشترون، فالمؤمنون ساعة وساعة أما الأنبياء اتصال دائم بالله عز وجل.
النبوة اتصال وتنبؤ أما الرسالة فمقام تبليغ:
الآن الرسالة؛ في اللغة التوجيه بأمر ما، فالرسول هو الذي يتابع أخبار الذي بعثه، وفي الاصطلاح الشرعي: تكليف الله نبياً من أنبيائه لتبليغ شريعته للناس. النبوة مقام، تُنبؤ، مقام اتصال بالله، اتصال وتنبؤ، أما الرسالة فمقام تبليغ، النبوة تلقٍّ الرسالة إلقاء، النبوة تلقٍّ أما الرسالة إلقاء، فكل رسول يجب أن يكون نبياً وليس العكس، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)﴾
الآية دقيقة جداً: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾ أي هؤلاء الذين اصطفاهم الله عزّ وجل ليسوا من طينة غير طينة البشر، لا، إنهم من بني البشر، من طينة واحدة ولكنهم تفوقوا، لو أنهم من طينة أخرى، لو أن الله سبحانه وتعالى أعطاهم إمكانات خاصة فاقوا بها الناس لما كان لهم الفضل في تفوقهم، أي إذا كان هناك طالب أعطيناه الأسئلة، فأخذ علامة تامة، فكان الأول، هل هذه ميزة؟ أما إذا كان ظرفه مشابهاً لظرف جميع الطلاب لا يعلم الأسئلة، وقد أخذ المرتبة الأولى، والله هذا تفوق، ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾ .
(( عن أبي هريرة: اللَّهُمَّ إنَّما مُحَمَّدٌ بَشَرٌ، يَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ، وإنِّي قَدِ اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فأيُّما مُؤْمِنٍ آذَيْتُهُ، أوْ سَبَبْتُهُ، أوْ جَلَدْتُهُ، فاجْعَلْها له كَفَّارَةً، وقُرْبَةً، تُقَرِّبُهُ بها إلَيْكَ يَومَ القِيامَةِ. ))
أنا من طينتكم، رُكبت فيّ الشهوات التي رُكبت فيكم، الشهوات نفسها لكنه فاق بني البشر.
محمدٌ بشر وليس كالبشــــــر فهو جوهرة والناس كالحجر
فإن تفق الأنام فأنت منهـــم فإن المســـكُ بعضُ دمِ الغزالِ
فالتفوق عظيم لأنه من طينة البشر، ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾ أما لو أعطيت الطالب الأسئلة، فكتب إجابة جيدة، وأخذ علامة تامة، ونال الدرجة الأولى على القطر، هذا ليس بتفوق، لأنه لم يتساوَ في الظروف مع بقية الطلاب، ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ قال تعالى:
﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)﴾
كلمة اصطفاء تتكرر في أكثر الآيات، عندنا اصطفاء بالنبوة، والآن اصطفاء بالرسالة، والدليل القاطع:
﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)﴾
أحياناً الإنسان يأخذ دكتوراه، هذه مرتبة علمية، أحياناً يتعين عميد كلية، هذه مرتبة إدارية، لكن لا يُعقل أن يكون عميد الكلية إلا أن يكون دكتوراً في الأساس، يُختار من بين أصحاب الشهادات العليا، فالعمادة شيء والأستذة شيء، فالنبوة مقام التلقي، والرسالة مقام الإلقاء، النبوة التنبؤ والرسالة التبليغ، إذاً ليس كل نبي رسول لكن كل رسول نبي، ويبين الله لنا اصطفاءه الرسل من الملائكة أيضاً، اصطفى الله عزّ وجل من الملائكة رسلاً لإبلاغ الوحي للأنبياء، واصطفى من البشر رسلاً لإبلاغ كلامه للناس، عندنا اصطفاءان، اصطفاء رسل من الملائكة من بين الملائكة واصطفاء رسل لبني البشر من بين بني البشر:
﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)﴾
ويقول الله تعالى:
﴿ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)﴾
في معرض التنديد بأكابر مجرمي القرى الذين تعنتوا فقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ﴾ وفي هذا الرد دلالة على أن الرسالة لا تكون إلا لمن اصطفاهم الله لحمل رسالته:
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)﴾
يكون من الأغنياء، من الوجهاء، ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ هذا من اختصاص الله سبحانه وتعالى، هو الذي يختار لأنه يعلم ما عند العباد من صدق في الإقبال، ومن استقامة في المعاملة، ومن حبّ، ومن ولاء، ومن اهتمام.
وهناك موضوعات تتعلق بالنبوة سوف نرجئها إلى درس قادم إن شاء الله، سأعرض عليكم نموذجاً منها، النبوة والرسالة فيضٌ إلهي، النبوة شيء والرسالة شيءٌ آخر، هذا موضوع الدرس القادم، الاصطفاء بالنبوة سابق على الاصطفاء بالرسالة، النبوة أولاً، هناك أنبياء وليسوا برسل، سيدنا هارون، سيدنا يوسف، أنبياء فقط.
وللحديث تتمة نتابعه إن شاء الله تعالى في درس قادم.
الملف مدقق